مرآة الجزيرة: التغيير السياسي المنشود بعد موت قابوس - محمد الفزاري
خبراء ومحللون وإعلاميون لـ"مرآة الجزيرة": الواقع السياسي الخليجي.."نفق مظلم" يُسقط الرؤية الإستبدادية "السعودية" وتبعية الممالك المهزومة!
"تنخرط ست دول تطل على الخليج وتقام على مساحة شبه الجزيرة العربية ضمن منظومة معنونة تحت مسمى “مجلس التعاون الخليجي”. وهي دول تقوم، بالدرجة الأولى، على سلطات ملكية واستبدادية، تتوارث العائلة الحاكمة السلطة وتمنحها لأبنائها، حارمة الشعب من المشاركة في العملية السياسية، ما يجعل الأوضاع السياسية في كل بلد، سيناريو مختلف يتصدره القمع والاستبداد والإستئثار في فصله الأول. ولعل العقود التي قامت خلالها تلك الدول تحت مظلة التقاليد الحاكمة في عواصم الخليج، تنذر بشكل متواصل بانفجار أزمة محيقة وسط الانقضاض السلطوي على كل أشكال المعارضة، التي لا تمنح أية فرصة من أجل تنفيذ طموحات أو المشاركة في نواة السلطة.
من “السعودية” والبحرين والإمارات وقطر إلى الكويت وسلطنة عمان، تتشابه المشهدية في علاقة السلطة مع الشعب، من حيث الاستبداد والانتقام والقمع وإسكات الأصوات، وملاحقة المعارضين ونبذ المغردين وحظر تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية. وليس ثمة لبس، أن الأوضاع السياسية المتأزمة في دول الخليج، نتيجة الإستماتة للسلطات الحاكمة والملكيات بالحفاظ على مكانها في الحكم وتوريثه بما يحافظ من قدرة استيلائها على ثروات البلاد.
معارضون ومحللون وخبراء ونشطاء ومراقبون للشأن الخليجي، يطلعون “مرآة الجزيرة” ضمن مداخلات خاصة، عن آرائهم لما يرونه لواقع الأوضاع السياسية الحالية والمستقبلية في عواصم مجلس التعاون، بالتزامن مع سياسة القمع المتراكمة والمتزايدة والتي تحدث أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي."
الجزء الخاص بمداخلتي في التحقيق:
"التغيير السياسي المنشود بعد موت قابوس
"وإلى سلطنة عُمان شبه النائية بنفسها عن التأزمات الخليجية وانعكاساتها، يشرح الكاتب والصحافي رئيس تحرير مجلة “مواطن” محمد الفزاري طبيعة الواقع السياسي القائم في ظل الملطية المطلقة الحاكمة في البلاد. ويبين أنه “لايوجد أحزاب سياسية إطلاقاً، ومجلس الشورى (البرلمان) منعدم الصلاحية التشريعية والرقابية أيضاً”.
الفزاري وفي حديث خاص مع “مرآة الجزيرة”، يوضح أن “مجلس عمان، والمؤلف من غرفتين الشورى والدولة، الغرفتان لايملكون الصلاحيات، لأن مجلس الوزراء والسلطان قابوس هم من يشرعون ويقترحون مسودة القوانين، وللمفارقة أيضاً هم من يبتون تلك القوانين”. ويفصح عن وجود إشكاليتين في الحكم، تتبلور الأولى بـ”مركزية السلطة بشكل كبير، إذ إن السلطان قابوس هو على رأس كل المناصب الرئيسية، فهو السلطان، ورئيس الوزراء، ووزير الدفاع، ووزير المالية، ووزير الخارجية والدفاع ورئيس المجلس الأعلى للقضاة، ورئيس المجلس الأعلى للتخطيط، والقائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس مجلس محافظي البنك المركزي”؛ ويتابع أن “الإشكالية الثانية هي الشمولية، النظام في عمان يسيطر على كل مجريات الحياة، على الفضاء العام والتعليم والإعلام والمجتمع المدني بشكل كامل ومطلق”.
ويقول الكاتب والصحافي العُماني، إن الشمولية جعلت من كل المعلومات التي يتم تداولها في البلاد مصدرها النظام، إلا أنه “بعد مواقع التواصل الاجتماعي، حدث فرق في تدفق المعلومات، ما ساهم في صنع وعي مختلف أفضل عما سبق، لأنه بحكم عدم وجود مجتمع مدني وأحزاب سياسية كان الوعي خاصة السياسي متردي جداً، ولكن حالياً أصبح يظهر واقع ووعي مختلف، وبرغم الاختلاف فإن السلطة تحاول تقيد المعلومات، وأي شخص يحاول انتقاد السلطان قابوس أو الأجهزة الأمنية، فإن مصيره الاعتقال مباشرة، ويمكن أن يسجن لدة قد تصل لأربع سنوات، كما أن “انتقاد السلطة الدينية وطرح رؤية مختلفة للجانب الديني، يعرض المنتقدين للاعتقال”، ما يبلور الواقع الخليجي الذي يمنح للسلطة الدينية دورا بما يتلاءم وخدمة مصلحة الأنظمة.
رغم المشهد المحتدم بين السلطة والمواطن، يجزم الفزاري بعدم حدوث أي حراك ثوري وسياسي في البلاد حالياً يشبه ما حدث عام 2011/2012 الذي كان الفزاري أحد عناصره الفاعلة، مستدركاً بالقول: “ما أتوقعه حالياً، سواء الموالون أو المعارضون، الآن ينتظرون موت السلطان، وإزالة هذا المنصب المستمر منذ قرابة 50 سنة في حكم عمان، وهو كبير ومريض، والجميع يتوقع بعد موته، أنه يمكن يتحسن الوضع نحو الأفضل”. لكنه، يرى أنه في ظل الحالة القائمة، من الصعب استشراف المستقبل السياسي وما ستؤول إليه الأوضاع، “بحكم النظام الأساسي العماني عقب موت السلطان يتولى الحكم مجلس الدفاع لمدة ثلاثة أيام، يجتمع خلالها مجلس العائلة ليتم الإتفاق على السلطان، وإذا لم يتم الإتفاق يعودوا إلى الرسالة التي يتركها السلطان، والآن هناك، إشكاليات كبيرة وعميقة بشأن اختيار السطان لأنه لا يوجد ولي عهد، وهناك مخاوف كبيرة من انقلاب عسكري يقوم به مجلس الدفاع، عبر تعيين أي شخصية جديدة، وهذا الإحتمال وارد، وهناك احتمال أن يحدث خلاف بين الأسرة ويمكن أن تكون حرب بينهم”.
أما عن واقع ومكانة السلطنة بالنسبة إلى دول الجوار، يرى الكاتب العُماني، أنه “ظاهرياً السلطان قابوس يحاول أن يكون مستقلاً عن التجاذبات الخارجية وتطبيق فلسفة الحياد”، قائلاً: “إن القوى العظمى بريطانيا وأميركا رسموا السياسة الخارجية لمسقط، ويريدونها بأن تكون المزرعة الخلفية للدول الخليجية التي يلتقون فيها، وكأنها منفذ وطريقة لحل الخلافات وكطاولة يلتقي فيها المتخاصمين والمتنافسين، وهذه السياسية يقال إن السلطان هو من رسم، وهذه السياسة تعتبر جيدة، لأنه بفضل هذه السياسة، لم تدخل مسقط ضمن لواء تحالف العدوان على اليمن”.
هذا، ويبرر رئيس تحرير مجلة “وطن” أسباب عدم الانتفاض الشعبي على الواقع الحالي، إذ يتخوف العمانيون من تحول وضع البلد إلى كارثة، مشيراً إلى أن دول الخليج لعبت بورقة الربيع العربي وحولت دول بكليتها إلى كوارث، خاصة في سورية واليمن، إذ قتلت هذه التدخلات الروح الثورية عند الشعوب، “وكان هذا الهدف الرئيس، لأن التحركات كانت مثل حجر الدينمو، وكان هناك إمكانية أن ينتقل إلى دول الخليج، وهم قالوا نخرب الثورة وندمرها من الداخل وتلقائيا الشعوب الأخرى ستخاف من التداعيات وستفضل أنها تعيش تحت الوضع الحالي مهما كان فاسدا ومستبدا”.
الكاتب الفزاري، يعرب عن أمله في أن “إحداث إصلاحات في عُمان وكل دول الخليج، وأن يحصل من الأعلى بدل من الأسفل، لانه من الأسفل سيكون هناك تضحيات كبيرة من الشعب”، قائلاً: “أتمنى أن المشيخات أو الملكيات، والأنظمة الحاكمة، أن تتحول إلى ملكيات دستورية، لأنه يصعب التحول إلى جمهوريات وسط انعدام الثقافة السياسية والمجتمع المدني، وهذا يحتاج إلى عشرات السنوات إذ لم نقل المئات من الصراع”."
رابط التحقيق الصحفي: "مرآة الجزيرة"
تعليقات
إرسال تعليق