تأملات في أزمة التدين الطقوسي: من ركوع الجسد إلى يقظة الضمير - محمد الفزاري

 




 

زُرت قبل أشهر دولة شرق آسيوية غير مسلمة، في رحلة امتدت قرابة شهر. وخلال تلك المدة تكررت أمامي مشاهد يومية عادية من منظورهم، لكنها بدت لي لافتة ومربكة من حيث وقعها عليّ. لا أعرف لغتهم ولا عملتهم، وكانت أغلب معاملاتي نقدية اضطرارًا لا اختيارًا. ومع ذلك، لم أتعرض في أية لحظة لمحاولة غش أو تضليل أو خداع، بدءًا من سائق التاكسي إلى صاحب البقالة في الزقاق ومرورًا بمدبرة المنزل، كان التعامل واضحًا، مباشرًا، وأخلاقيًا إلى درجة جعلتني أشعر بأنني في فضاء تربوي يحكم سلوك الناس من داخلهم لا من خارجهم، دون حاجة إلى رقابة أو تهديد أو وعظ.

 

ولا أذهب إلى القول -كما يفعل بعضهم- بأن السبب هو غياب المنظومة الدينية مقابل حضور المنظومة الأخلاقية؛ فهذا تعميم متعجل لا يصمد أمام مشاهداتي؛ إذ كانت هناك مظاهر دينية حاضرة تُمارَس في العلن، لكن الذي بدا واضحًا أن ما يحكم هذا المجتمع هو منظومة قيم داخلية راسخة، لا تقف في مواجهة الدين ولا تحلّ محله؛ بل تمثل جزءًا عضويًا منه، أو قل امتدادًا له في الحياة اليومية. قيم وممارسات نابعة عنها لا تُفرض من خارج الإنسان عبر القانون فقط؛ بل تنبع من ضمير حي، ومن ثقافة جمعية تعتبر الصدق والنزاهة والانضباط جزءًا من الهوية، لا مجرد نصائح أخلاقية.

 

بطبيعة الحال، لا يخلو أي مجتمع من التجاوزات الفردية، ولا أدعي أن هذا المجتمع مثالي أو خالٍ من الأخطاء، ولست في معرض تقديم تجربة هذه البلاد بوصفها مثالًا أخلاقيًا مطلقًا. إذ من الممكن جدا في زيارتي القادمة أتعرض لحالة ما كما هو وارد في كل مجتمع؛ لكن ما لمسته هناك هو أن السلوك الأخلاقي يمثّل القاعدة لا الاستثناء، وأن الإخلال بها يُعدّ انحرافًا عن المألوف، لا سلوكًا سائدًا يُتعايش معه ويُغض الطرف عنه أو يُعاد تأويله لتبريره.

 

لم يكن ممكنًا تفادي المقارنة؛ ففي مجتمعاتنا العربية الإسلامية بشكل عام وفي بعضها بشكل خاص؛ حيث الحضور الديني الطاغي والمكثف: يُرفع الأذان خمس مرات في اليوم، وتنتشر المساجد بكثرة، وتُلقى الخطب بانتظام، والتعليم الديني إلزامي في المدارس؛ فتجد نفسك مضطرًا إلى تتحسس جيوبك بين حين وآخر، ومراجعة كل فاتورة، والتفاوض في كل شراء، خشية الغش أو التلاعب أو الاستغلال؛ فصاحب التاكسي الذي تسمع تلاوة القرآن من خارج سيارته لا يتورع عن مضاعفة الأجرة، وصاحب المطعم الذي يضع آية قرآنية على الجدار قد يتطاول عليك بالسباب إن لم تدفع “البقشيش” بعد أن حاول تزيين حديثه بالكلام المعسول، هذا لو سلمت من الغش في الفاتورة، ومدبرة المنزل التي يظهر عليها كل مظاهر التدين شكلًا وقولًا لن يمنعها تدينها من سرقة ما يمكنها سرقته!

 

على المجتمع أن يكف عن قياس التقوى بعدد الركعات وكثرة الصوم، وأن يبدأ في قياسها بقدرة الإنسان على صدقه حين لا مساءلة، ونزاهته حين لا رقيب، وعدله حين يكون صاحب الكلمة العليا

 

لم أستطع تجاهل أسئلة ملحة ومنطقية خطرت في بالي حينها، وهي أسئلة ليست جديدة وطرحها العديد من المفكرين بأشكال مختلفة في فلسفة الأديان والأخلاق وعلم الاجتماع الديني: لماذا لا ينعكس التديّن الظاهري في مجتمعاتنا على السلوك الأخلاقي؟ لماذا لا تُنتج كثافة الشعائر تحولًا في الضمير؟ هل الخلل يكمن في البنية المفاهيمية التي نُلقّن بها الدين؟

 

منذ الطفولة، يُطلب من الطفل المسلم أن يحفظ أركان الإسلام الخمسة: الشهادتين، الصلاة، الزكاة، الصيام، والحج، وهذه جميعها شعائر طقوسية، يقابلها أركان الإيمان الستة: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وهي جميعها تصديقات قلبية لمعتقدات ما فوق عقلية. فكما هو واضح؛ فإن كلاً من تلك الأركان لا يشمل الأخلاق! فلا يُقال للطفل: إن من أركان دينك أن تكون صادقًا أو عادلًا أو أمينًا، وكأن لسان الحال يقول إن الأخلاق أمر إضافي، تكميلي، تجميلي، إن وُجد كان حسنًا، وإن لم يوجد فلا بأس طالما أديت ما عليك من طقوس. وهذا ما يؤكده الحديث النبوي المتفق عليه في الصحيحين: “من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل”. وهو تأكيد على الركيزة الأساسية التي تؤدي إلى الجنة؛ فالله سيدخله الجنة وإن كان مقصرًا وذا ذنوب؛ لأن الموحد لا بد له من دخول الجنة، وستكون منزلته فيها على حسب عمله.

 

هذه البداية التربوية تتكرس لاحقًا في الوعي العام، وتخلق صورة للمسلم الصالح لا تُقاس إلا بمقدار التزامه بالشعائر. فمن صلى وصام وزكى وحج فهو “مستقيم”، حتى لو كان ظالمًا في بيته أو مستغلًا لمن حوله، أو غير ملتزم بوعوده. هذا الانفصال بين الشعائر والسلوك لم يأتِ عشوائيًا؛ بل تأسس على فهم واسع الانتشار في الموروث الديني الذي يتحدث عن محو الذنوب بالصلاة والصوم والحج. فالنصوص التي تعد بالمغفرة لمن صلّى وصام وذكر، تحوّلت في الوعي الشعبي إلى صكوك غفران مؤجلة، جعلت الطقوس تُفهم كوسائل تطهير آلي، بصرف النظر عن الأثر الأخلاقي لها. يكذب ثم يصلي؛ فيظن أنه قد “طهُر”، يغش ثم يصوم فيُخيّل له أن صيامه محا ما سبق، يسرق ثم يؤدي عمرة فيتوهم أنه عاد كما ولدته أمه. ومن المفارقة هنا أن تجد هذا المسلم ذاته يسخر من المسيحي الذي يؤمن بصكوك الغفران وغرفة الاعتراف التي يتلوها الصلاة، وفي ذات الوقت ليس لديه مشكلة صيام بعض الأيام التي ستغفر له ما تقدم وما تأخر، أو بترديد بعض الأوراد والأذكار بعد كل صلاة تُغفر خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر!

 

هذا النوع من التدين الشكلي والطمأنينة الزائفة لا ينتج -بكل تأكيد- عن قسوة قلب أو تخلّف عقلي أصيل كما يزعم دعاة “الجوهرانية” العنصرية في اتهامهم لأتباع دين بعينه؛ فالإنسان هو الإنسان في كل مكان، لكنه نتاج بنية فكرية ترسّخها المؤسسات التعليمية والدينية عبر الموروث الديني والفهم التقليدي له. فالمناهج المدرسية لا تُدرّس الأخلاق بوصفها سلوكًا جوهريًا قائمًا بذاته؛ بل بوصفها طقوسًا مرتبطة بالأجر والثواب. وغالبًا ما تختزل المؤسسات الدينية الدين في الشعائر: أحكام الطهارة، تفاصيل سجود السهو، أركان الصيام، وعدد ركعات النوافل. أما الخطاب الأخلاقي، الذي ينبغي أن يتصدر الرسالة الدينية؛ فإما أن يُقال بلغة إنشائية متكلفة، أو يُهمل لصالح التركيز على الطقوس.

 

بل إن فرقة المرجئة ذهبت أبعد من ذلك، حين أكدت أن الإيمان يقتصر على التصديق القلبي، أو التصديق مع النطق باللسان، وأن مرتكب الكبيرة يظل مؤمنًا كامل الإيمان؛ لا يُكفر ولا يدخل النار إن مات على التوحيد حتى إذا لم يتب، أي أنهم أرجؤوا الحكم عليه في الدنيا، واعتبروا أن أمره إلى الله في الآخرة، دون أن يُخرجوه من الملة. وعلى الرغم من أن هذا التصور قد يساهم من جهة في تقويض المسار التكفيري، إلا أنه من جهة أخرى يُفضي إلى إهمال البعد السلوكي والأخلاقي، سواء أكان في ميدان الشعائر أو في علاقات الإنسان بمحيطه. ولأن هذه الفرقة وغيرها كانت تاريخيًا مرتبطة بالسلطة؛ فإنها غالبًا ما تتحاشى المسائل الأخلاقية الكبرى التي تُحرج الأنظمة؛ مثل العدل، الكرامة، المحاسبة، الشفافية، والحقوق؛ فتكتفي بالحديث عن إيمان الفرد وطقوسه دون الحديث عن بنية المجتمع الذي يعيش فيه وطبيعة سلوكه به. وهكذا، ينمو الفرد المسلم على تدين فردي طقوسي، يركز على علاقته العمودية بالله، ويتجاهل علاقته الأفقية بالناس؛ فلا يرى في الكذب أو الظلم أو الغش تناقضًا مع تدينه، طالما أنه يُظهر التزامًا بالركوع والسجود.





 

بجانب ذلك هناك نقطة أخرى تتعلق بالموروث نفسه لا يمكن أيضا تجاهلها؛ فمن بعد الفقهاء الأوائل، جاء تلاميذهم الراغبون في التميز والإضافة؛ فبدأوا يتوسعون في الهوامش: سجود السهو، نية الصيام، مقاصد الصدقة، ومراتب طهارة المياه. وصار بمرور الوقت فقه العبادات حقلًا متضخمًا، افترض فيه العلماء أحيانًا مسائل لا تحدث في الواقع، ثم نسجوا حولها خلافات لا تنتهي. ومع تكرار هذا التراكم، أصبح هذا الفقه المتخيّل هو الدين ذاته في المخيال الشعبي، وتحولت معرفته إلى علامة على الورع، بينما تم إهمال البعد الفلسفي والأخلاقي والإنساني للدين. وأضعف كل هذا أثر القرآن نفسه؛ حيث إن عدد الآيات التي تتحدث عن الطقوس الشعائرية (صلاة، صيام، زكاة، حج، طهارة، بيوع، وطلاق.. إلخ) لا يتجاوز 500 آية في أحسن الأحوال؛ أي أن أكثر من 90٪ من القرآن يتحدث عن قضايا الوجود والإنسان والمجتمع والعدل والعقل والقصص والمصير. لكننا نربي الأجيال على أن فهم الدين يبدأ بأركان الإسلام وأركان الإيمان، مرورًا بـ “أحكام النية” و”مراتب الطهارة”، مع غياب مركزية آيات مثل: “إن الله يأمر بالعدل والإحسان”، “أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم”. ألم يؤصل الحديث النبوي لقاعدة واضحة جدًا عندما أكد على: “إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق”؟ بل إن النبي محمدًا ذاته عُرف قبل النبوة بـ”الصادق الأمين” لا بـ”العارف بأركان الحج”.

 

الدين الذي لا يُنتج هذا الإنسان، مهما كثرت شعائره، هو بعيد كل البعد عن الدين؛ فمن صلى ولم يعدل، لم يُحسن في صلاته. ومن صام ولم يصدق، لم يعرف الصيام. ومن حجّ ولم يخش الله في الناس؛ فقد زار الكعبة لا ربها

 

وقد تنبّه عدد من المفكرين المعاصرين إلى هذا الانفصال بين الطقوس والجوهر، وسعوا إلى استعادة البعد الأخلاقي للدين في وجه الجمود الشعائري. رأى مالك بن نبي أن التخلف الحضاري في المجتمعات الإسلامية يرتبط بانهيار منظومة الأخلاق، وأن التدين الشكلي، حين ينفصل عن القيم، لا يشكّل عبئًا على الفرد فحسب، بل يُصبح عبئًا على النهضة ذاتها؛ بل إن قابلية المسلم للاستعمار تبدأ، في رأيه، حين يفقد حسّه الأخلاقي ويكتفي بمظاهر التدين. أما محمد عبده، فخاض معركته ضد سلطة الجمود الفقهي، رافضًا اختزال الدين في كومة من الأحكام والنواهي، ومؤكدًا أن الدين مشروع إصلاح اجتماعي يُقاس بقدرته على تحسين حياة الناس وتغيير واقعهم، لا بكثرة الطقوس ومظاهر التديّن؛ فكل خطاب ديني لا يكون في خدمة الإنسان، يُصبح عبئًا عليه. أما عبد الكريم سروش، فقد ميّز بين الدين كنص والدين كتجربة حيّة، ورأى أن الدين لا يُفهم كمنظومة جامدة من النصوص، بل كتفاعل أخلاقي ووجودي يمرّ به الإنسان. وفي فلسفته، لا يمكن لأي قراءة دينية أن تكون سليمة ما لم تنبع من ضمير أخلاقي حي؛ فالأخلاق تسبق الفهم وتوجّهه وتضبط معناه. وكل تفسير متدنٍّ أخلاقيًا سينتج تدينًا مشوّهًا، حتى لو تشدّق بأقدس العبارات. ولهذا يرى سروش أن فهم الدين لا يتشكّل بالنصوص ذاتها، بل بالبنية الأخلاقية التي يحملها من يقرؤها.

 

وعلى مستوى أكثر تأصيلًا وتجريدا، قدّم طه عبد الرحمن مشروعًا فلسفيًا متكاملًا يرى أن الأخلاق ليست فقط جوهر الدين، بل هي شرط إمكان المعرفة الدينية نفسها، وهي التي تميز بين التدين الصالح والتدين الفاسد. فالدين، في نظره، لا يقوم على علاقة تعاقدية بين المكلّف وربه، بل على علاقة إحسانية تتجلى في السلوك لا في الشعارات. ويرى طه أن من مظاهر الخلل في الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر، استسلامه للمنطق الأداتي؛ أي اختزال الدين في ما هو نافع وعملي وظاهري، وفصله بين الأخلاق والفقه، وبين الروح والشريعة. ولهذا يدعو إلى ما يسميه “تجديد المنهج الأخلاقي” في فهم الدين، بحيث يصبح الخُلق مدار التكليف، لا مجرد الامتثال الخارجي. فالدين عنده ليس نظامًا قانونيًا أو طقوسيًا في المقام الأول، بل هو تربية دائمة للذات عبر المجاهدة والمراقبة والإخلاص، بما يعيد الاعتبار للمقاصد الأخلاقية الروحية بوصفهما حجر الأساس لكل عبادة ومعاملة. ومن هنا، يعتبر أن التدين بلا أخلاق هو عبادة شكلية لا ترقى بصاحبها، بل قد تفسده؛ لأن العبادة التي لا تزكي النفس ولا تحفزها على الصدق والعدل والتواضع، قد تنقلب إلى عبء روحي يُبرر الغرور والتسلط والتكفير. وذلك في إطار سعيه لإعادة الاعتبار للعقل الأخلاقي والروحي في مواجهة هيمنة العقل الأداتي، ليعود الدين تربية داخلية تُهذّب الذات، لا مجرد أداة خارجية تُرضي المجتمع أو السلطة.

 

لا نحتاج إلى تدين يضيف إلى حياتنا مزيدًا من الطقوس؛ بل إلى دين يجعل الأخلاق جوهرًا للتدين، ويعيد مركزيتها إلى صميم الخطاب الديني. وذلك لا يتطلب بالضرورة ثورة على الدين ولا قطيعة معه؛ بل عودة إلى روحه الأولى؛ روح جميع الأديان. يتطلب أن نعيد النظر في ترتيب الأولويات في التعليم، والمنبر والفقه والتنشئة. ألا نبدأ تعليم الطفل بأركان الطهارة؛ بل بفضيلة الصدق، وألا نحشو المنابر بقصص العقاب وأهمية الشعائر؛ بل بفضائل الأخلاق ومكانتها. ليس لأن الشعائر ليست مهمة؛ بل لأن الله الذي فرض الصلاة، هو نفسه الذي قال: “فويل للمصلين، الذين هم عن صلاتهم ساهون، الذين هم يُراؤون ويمنعون الماعون”؛ أي تلك الصلاة التي لا تثمر خلقًا، ولا تُنتج سلوكًا. ليست المشكلة في الشعائر بحد ذاتها؛ بل في تجريدها من بعدها الأخلاقي وتحويلها إلى أفعال منفصلة عن أثرها. التصور البديل لا يلغي العبادة؛ بل يعيد وصلها بما جاءت لأجله، أو من المفترض أن تكون جاءت لأجله: إصلاح الإنسان. على المجتمع أن يكف عن قياس التقوى بعدد الركعات وكثرة الصوم، وأن يبدأ في قياسها بقدرة الإنسان على صدقه حين لا مساءلة، ونزاهته حين لا رقيب، وعدله حين يكون صاحب الكلمة العليا. في هذا التصور، تصبح الصلاة وسيلة لا غاية.. وسيلة لتزكية النفس لا بطاقة مرور اجتماعية. ويصبح الصيام تجربة أخلاقية تُهذّب الجوارح، لا مجرد انقطاع مؤقت عن الطعام.

 

إننا بحاجة إلى نهضة فكرية تبدأ من إعادة تعريف “المتدين”؛ لا بوصفه ذلك الذي يُحسن الوقوف في الصف؛ بل بوصفه الإنسان الذي لا يخون إذا اؤتمن، ولا يكذب إذا تحدّث، ولا يفجر إذا خاصم. تدين يُشبه ما قاله النبي محمد: “أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا”، ويُشبه ما ورد في القرآن: “قولوا للناس حسنا”، و”لا تمش في الأرض مرحًا”، و”لا تعتدوا، إن الله لا يحب المعتدين”. هذا هو البناء المنشود: بناء الضمائر، لا فقط بناء المساجد، وهذا هو الإحياء المنشود: إحياء الضمائر قبل إحياء الشعائر. فالدين الذي لا يُنتج هذا الإنسان، مهما كثرت شعائره، هو بعيد كل البعد عن الدين؛ فمن صلى ولم يعدل، لم يُحسن في صلاته. ومن صام ولم يصدق، لم يعرف الصيام. ومن حجّ ولم يخش الله في الناس؛ فقد زار الكعبة لا ربها.

 


- اقرأ المقال على مواطن

تعليقات

المشاركات الشائعة