جريدة الدستور الأردينة: «اللايقين» رواية جديدة للكاتب العماني محمد الفزاري
صدرت رواية «اللايقين» للكاتب العماني محمد الفزاري، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
ويمكن تلخيص الرواية في كلمات: حكاية تشكل الوعي، والتبدلات الفكرية لذاتين عايشتا مختلف الأنماط والاتجاهات: بدءا من القرية البسيطة التي تكتنفها الهوية الضيقة، مرورا بالمدينة حيث تتشكل الذات مثل شرنقة ترنو للخلاص، وانتهاء بالاغتراب الداخلي الذي مهد للغربة الجسدية حيث المآل لاحتمي لمن يرفض الخنوع ويختار النمط الأصعب من العيش في مقابل ألا تسلب كلمته منه.
يخلق الكاتب في عمله هذا عالما سياراً يطوف بالقارئ بحركة أخطبوطية لولبية، تستفز المتلقي في وعيه، وتسهم بزعزعة اليقينيات المترسخة بفعل التلقين، والتعزيز الأبوي له، والاحتضان الاجتماعي لكل القوالب الفارغة من أي معنى. هو في كل هذا، يهز كيانات الهوية والجماعة والدولة، وينخلها ليختبر صدق ادعاءاتها، وهذا هو عمل الكاتب العضو، قياسا على المثقف العضو.
إنها رحلة ذاتين رفضتا ان تكونا ذاتين عاديتين، ذاتين آليتين، وأصرتا على أن تكونا ذاتين لهما اعتبارهما الخاص، ولهما هويتهما التي يشكلانها بنفسيهما، يخرجان من ريقة الوصاية إلى مأزق الحرية، أنه مأزق المسؤولية المتولد عنها. من السهل العيش حسب رغبة آخرين، لكن من الشاق جداً أن تشق لنفسك طريقة خاصة بك.
مجدداً يعزز الكاتب الإحساس بالجسد، ويعمل على إعطائه مكانته في حين تبتذله كثير من المنظومات المعرفية، لاسيما الدينية، وتجعله مرتبطا بالتراب/ الأرض إسقافاً وتقليل شأن. أما هنا فالجسد نص منفتح الوعي على العلاقة فيما بين الذات والآخر.
في كل هذا العبث الوجودي، يسخر الكاتب من اليقينيات، ويستنكر بحنق دفين: كيف يسوغ لأحد أن يدعي اليقين في أي دائرة: الهوية، والجماعة، والدولة، والعالم. إن من يدعي اليقين واحد من اثنين: إما أن يكون مخبولا، وإما أن يكون – وهو الأرجح – نصاباً.
تقع الرواية في 256 صفحة من القطع المتوسط.
تعليقات
إرسال تعليق