ثلاث مقترحات أتمنى أن ترى النور في عمان قريبا - محمد الفزاري

 

ثلاث مقترحات أتمنى أن ترى النور في عمان قريبا:

١- السماح لتأسيس الجمعيات السياسية.

٢- تقليص عدد الدوائر الانتخابية في انتخابات مجلس الشورى لتكون هناك دائرة انتخابية واحدة على مستوى الدولة. 

٣- تقنين وتأطير أحقية/ إلزامية المشاركة في انتخابات مجلس الشورى والبلدية.

 * السماح لتأسيس الجمعيات السياسية

هناك تخوف وقلق كبير من قبل النظام في عمان من بعض المصطلحات لما لها من دلالات اصطلاحية مثل "حزب"، "اتحاد".

 

أذكر، قدمت عدة مقترحات لتأسيس اتحاد طلبة في جامعة السلطان قابوس، عندما كنت طالبا، وحضرت مؤتمرين خليجيين ممثلا للجامعة هدفها تأسيس اتحاد خليجي. وهناك من سبقني في هذه الفكرة طبعا، وكثر، من طلاب الدفعات السابقة؛ ورغم كل ذلك لم ير الاتحاد النور حتى وقتنا هذا.

 

وبسبب الضغط الطلابي في وجود جسم تنظيمي يمثل جميع الطلاب، ارتأى النظام إلى تشكيل مجلس استشاري طلابي. ويتضح من مسماه أنه بعيد كل البعد عن فكرة "الاتحاد الطلابي".

 

ومثل ما فعل النظام في إيجاد "شبه برلمان" وعني مجلس الشورى، و"شبه اتحاد" وعني المجلس الاستشاري الطلابي، أتمنى من النظام إتاحة الفرصة لتأسيس شبه أحزاب سياسية، وأعني هنا تأسيس الجمعيات السياسية. جمعيات؛ بخلاف الأحزاب، ليس هدفها الوصول للسلطة، وهنا يعني لا يوجد هاجس مبرر من قبل النظام.

قد يقول قائل وما الهدف من تأسيس أشباح مؤسسات مثل التي ذكرتها، والواقع يشهد أن وجودها مثل عدمها تقريبا؟!  هنا في هذه الفكرة، فقط، وقد يختلف معي البعض في هذا الطرح، فأنني أتفق مع النظام في سياسة الابتعاد عن مصطلح "حزب" والاكتفاء ب مصطلح "جمعية، لثلاثة أسباب:

- لتجنب تأسيس أشباح مؤسسات بسبب مسمياتها التي لا تعكس واقعها.

- كلمة حزب لها مدلول سلبي في الثقافة الاسلامية، والجمعية لها مدلول إيجابي اصطلاحا، فالأولى تشير إلى التحزب، والثانية إلى التجمع. ونحن في حاجة إلى التجمع في مصلحة الوطن، بدل التحزب في مصلحة الحزب، وهي إحدى سلبيات الأحزاب. حيث مع الوقت تُقدم مصلحة الحزب على مصلحة المواطن، وتغلب مصلحة الحزب على مصلحة الوطن.

- السبب الرئيس لهذه الجمعيات هو تشكيل تيارات فكرية سياسة، ورفع الوعي السياسي في البلد، وليس الوصول للسلطة. هذا المنسوب من الوعي ستكون له انعكاسات إيجابية عدة، بيد أن أهمها على مستوى الانتخابات بكل أشكالها؛ فبجانب مساهمتها في رفع الوعي الانتخابي، ستساعد في تفتيت التكتلات الانتخابية القبلية والمناطقية.

 

* تقليص عدد الدوائر الانتخابية في انتخابات مجلس الشورى لتكون هناك دائرة انتخابية واحدة على مستوى الدولة.

ما هي الفائدة التي ستقدمها هذه الخطوة؟ سؤال جيد. من وجهة نظري، وبناء على مهام مجلس الشورى كمجلس برلماني تشريعي لقوانين تخص الدولة، ورقابي على أداء السلطة التنفيذية؛ فليست هناك ضرورة لربط أعضاءه بالولايات، ويتم الاكتفاء بالمجلس البلدي في هذا الشأن، كونه مجلسا خدميا ممثلا ومسؤولا عن الولاية في احتياجاتها الخدمية.

 

هذه الخطوة من شأنها أن تساهم في التقليل من التأثير القبلي والديني الذي قد يتأثر به المرشح سلبا على مستوى ولايته. كذلك ستساهم بشكل كبير في وصول نخبة مميزة وفاعلة على مستوى الدولة. أعضاء قادرين على تحمل مسؤولية صلاحيات مجلس الشورى الرقابية والتشريعية بحكم خبراتهم وثقافتهم التي سيشهد عليها جميع المصوتين على مستوى الدولة. 

* تقنين وتأطير أحقية/ إلزامية المشاركة في انتخابات مجلس الشورى والبلدية

دائما ما كان هناك جدل حول طبيعية الديموقراطية التمثيلية إجرائيا؛ فالسؤال حول صحة مساواة الشخص المتعلم/ المثقف بالشخص غير متعلم، حيث كلاهما يحصلان على صوت واحد، طالما تم بحثه من قبل الفلاسفة والمفكرين. وعلى سبيل المثال ليس الحصر المفكر السياسي والبرلماني الإنجليزي الشهير جون ستيوارت ميل، والسبب كما هو معلوم أن غير المتعلم أو غير واعي يساهم بشكل كبير في وصول أشخاص غير أكْفاء أو غير مؤهلين للوصول إلى البرلمان. أعضاء لا يمثلون طموحات وآمال الشعب.

بيد أن هل من العدالة حرمان غير المتعلم من التصويت؟! كذلك لو أرادت الدولة حل هذا الإشكال، كما أقترح آخرون، مثلا بمنح من يملك شهادة صوتين بدل صوت واحد، هل هذا معيار عادل؟ هل الوعي والثقافة تقاس بالشهادة؟! لا أرى أنه معيار عادل. بيد أن استمرار الوضع كما هو أيضا غير عادل إطلاقا. 

 

لذلك اقترح أن تقوم الدولة بتأسيس هيئة تكون لها فروع على مستوى الدولة هدفها تقديم برامج تثقيفية توعوية مجانية تعالج إشكاليات ضعف الوعي السياسي وخاصة الانتخابي. على أن يربط بالسجل الانتخابي؛ فلا يحق للمواطن التصويت إلا لو اجتاز البرنامج المعد بنجاح.

سيقول قائل، هذا سيؤدي إلى عزوف الناخبين. أتفق، بيد أن هناك حل لهذا الإشكال. وذلك عن طريق ربط شرط اجتياز البرنامج المذكور بعدة خدمات أخرى تقدمها الدولة للمواطن؛ فإذا لم يجتاز البرنامج، تتوقف عليه تلك الخدمات.

أزعم أنها خطوات ممكنة وضرورية وستساهم في تغيير الواقع إلى الأفضل.. عمان تستحق الأفضل.