حسن البشام... ودعوة الحوار والشفافية - محمد الفزاري






الحوار والشفافية أعتقد أنهما أفضل الطرق للوصول إلى خلاصة وخارطة طريق… لا يمكن أن تدرس المطالب من جانب واحد؛ فيجب إشراك كل الأطيافالحوار يمهد للدراسة لأنك تستقي الأفكار من كل أطياف المجتمعفأنا أعتقد أن الحوار والشفافية يجب أن تكونا هما المدخل في عملية الإصلاحيجب ألا يتفرد أحد، لا الشارع ولا المثقف ولا الأكاديمي ولا رجل الدين ولا الجهات الرسمية في إطروحاته“. 
هذا هو حسن البشام وهذه كلماته ما زالت تنبض بالحياةهذا ما أكده في حواره مع دسليمان الهتلان في برنامج حديث الخليج عبر قناة الحرة في سبتمبر من العام ٢٠١٢، يعني بعد قرابة أكثر من سنة ونصف منذ اندلاع الحراك الشعبي في عمانتلك الدعوة، وتوقيتها الزمني لها عدة مؤشرات ومدلولات أهمها أن البشام استمر مرابطا على موقفه محافظا على مبادئه رغم انتهاء الحراك منذ فترة طويلة واستفاد من استفاد، وسجن من سجن؛ وكان هو أحد من اعتقل وضيق عليه.
كذلك تعطينا مؤشرا واضحا لمستوى الوعي الذي كان يملكه هذا الإنسان الوطني الصادق على مستوى أطروحاتهولهذا عندما قدمه المعتصمون كأحد المتحدثين باسم ساحة التغيير دوار صحار سابقا” لم يأت ذلك من فراغ؛ فلم يكن البشام أحد المعتصمين الذي دفعهم العوز أو البحث عن الوظيفة للمشاركة والاعتصام بحثا عن أهداف شخصية؛ بل إحساسه بالأهمية التاريخة لمثل هكذا حراك شعبي ونوعي في كسر تابوت الخوف والصوت الواحد، وخلق ساحة من الحوار الوطني بين الشعب والسلطة.
عاش البشام مرفوع الرأس ومات بشرف وهو خلف قضبان سجن الدولة الشمولية التي رفضت كل صوت مختلف ولو كان يدعو للحوارفلا حوار مع سلطة مستبدة سواء كان على مستوى دولة الفرد أم دولة الأوليغارشلكن البشام أصرألا يفهم هذه الحقيقة أملا منه أن يرى يوما عمان الجديدة التي طالما حلم بهاولعله كان يؤمن في قرارة نفسه أنه لا يوجد أمل أن تتنازل السلطة ليس فقط عن صلاحياتها، بل حتى على مستوى الموافقة لتلبية دعوة الحوار مفتوح الذي هدفه الأول المضي نحو دولة المواطنة؛ لكنه أراد أن يكون الشمعة التي تحترق لتنير طريق الأجيال القادمةمات جسد البشام لكن روحه ما زالت حاضرة بين جميع المواطنين الأحرار الصادقين الغيورين على عمان.. الماضي والحاضر والمستقبل.
اليوم نحن نجدد تلك الدعوة التي نادى بها البشام والعديد من الإصلاحيين قبل ٢٠١١ وبعدهلا نرى أمام السلطة خيارا آخر إلا أن تلبي تلك الدعوة لو كانت فعلا يهمها أمر وسلامة الشعب العماني، قبل أن تدفعه الظروف مجبرا للخروج إلى الشارعوستكون خطوة تحسب للسلطة كفعل مخطط له، وليس كما عودتنا دائما في الوصول متأخرة لتتعامل مع القضايا بردات فعل مستعجلة وغير مدروسةحان الوقت للحوار الجاد الذي تكون أهم محدداته وكذلك نتائجه هو دولة المواطنة وليست دولة الوطنيةهذا المفهوم الذي تم إفراغه من مضمونه الحقيقي وتم استبداله من قبل السلطة بمضمون خاوٍ ومؤدلج يكرس لدولة المساكنة بدل المواطنةلا نريد وطنية مفصلة على مقاسات السلطة..لا نريد أن ينظر لنا من قبل فئة منتفعة بأننا لم نعد مواطنين لأننا قررنا أن نطالب بحقوقنانحن نقولها بأعلى صوت، نحن مواطنون ولسنا ساكنينلقد بلغنا ونستطيع أن ندير شؤوننا في دولة المواطنة.


المشاركات الشائعة