الإسلام وصورته النمطية اليوم - محمد الفزاري
لا أتوقع أن هنالك خيارا آخر عند المسلمين بخصوص حقيقة الإسلام وصورته النمطية اليوم، فإما أن يتمسكوا بموقفهم بأن الإسلام دين محبة وسلام وتسامح وهذا يوجب عليهم منطقيا وعمليا تنقية السيرة النبوية من كل ما هو مخالف لطبيعة هذا الاعتقاد، وتوقيف العمل بالنصوص المقدسة التي تدعو لغير ذلك سواء كانت في السنة أو القرآن بحجة أنها أحكام توقيفية كانت صالحة لزمن وظروف معينة فقط ولم تعد كذلك؛
وإما أن يعترفوا أن الإسلام مثله مثل المسيحية واليهودية في جوهره، ومثلما توجد هنالك نصوص متناقضة في العهد القديم والجديد بعضها يدعو إلى التسامح والمحبة فكذلك هناك نصوص أخرى تحرض على كراهية الآخر المختلف وتدعو أحيانا إلى قتله. وهنا يتوجب عليهم فعل ما فعله مصلحو وفلاسفة التنوير من دفع هذه النصوص إلى التأويل بما يتوافق مع تطور منظومة الأخلاق العالمية.
وردة الفعل، التي أصبحت مشمئزة بعد كل حادثة إرهابية يقوم بها شخص مرتبط بالإسلام سواء كان تنظيميا أو دينيا عن طريق ترديد عبارة مبتذلة وفيها تهرب عن الواقع وعدم مبالاة بدم الإنسان وأعني عبارة "هذا الإرهابي أو هذا الفعل الإرهابي لا يمثلنا"، لم تعد كافية ولن تقدم حلولا جذرية بل مجرد تهرب غير واعٍ عن أصل المشكلة.
ونحن لا ننكر أن هناك أسبابا أخرى للإرهاب، وهناك أنواع كثيرة للإرهاب، وهناك كذلك استغلال من قوى كبرى عن طريق أجهزتها الاستخبارية لتأويلات الإسلام المتطرفة الراديكالية لصالح أجندتها الإمبريالية، وشخصيا قد فصلت حول هذا الموضوع في مقالين طويلين الأول بعنوان: "قراءة: داعش بين الواقعية الكوسموبوليتية والتنظير الإسلاموي اليوتوبي"، والمقال الثاني بعنوان: "قراءة: الإرهاب بين الإسلاموفوبيا والغربفوبيا" لمن أراد أن يرجع لهما، لكن استمرار الاسلام بشكله القديم الذي مضى عليه أكثر من 14 قرن لن يؤدي بنا إلا إلى طرق نحن لا نريدها ولن يقبلها العالم منا، سواء على مستوى علاقتنا بالآخر أو حتى على مستوى نظرتنا لأنفسنا بين الأمم.