مسمار جحا - محمد الفزاري
في البلدان التي أسست أنظمتها لخدمة المواطن، لا يذكرون إنجازات الحاكم إلا استطرادا إيمانا منهم بأن هذا هو واجبه الطبيعي، وهذه حقوقهم الطبيعية.
لكن في البلدان التي أسست أنظمتها لاستعباد المواطن، كما هو في عمان، يجب أن يطبل المواطن على كل حق أصيل يحصل عليه من حكومته ليثبت مدى وطنيته. ويجب أن ينسب كل نقيصة لبطانة الحاكم وحاشيته فقط والحاكم منه بريء، وكل إنجاز -إن صح أن نطلق عليه إنجاز أصلا- يجب أن ينسبه للحاكم ويهلل ويطبل له ليلا نهارا.
المجتمعات المستعبدة من قبل أنظمتها تعاني من شيزوفرينيا إدراكية حتى في أبسط أنواع الإدراك الذي يجب أن يمتلكه كل مواطن؛ فكيف يعقل أن تجد مواطنا يلعق حذاء الحاكم على كل حق أصيل يحصل عليه، وفي ذات الوقت يبرئه من كل تقصير بحجج واهية لا يمكن أن تصدر من عقل واعي وحر.
وكما يقول المثل: الطيور على أشكالها تقع. فلا يمكن أن تجد بطانة مكونة من مجموعة من السفلة والعبيد واللصوص إلا إذا كان الحاكم لا يختلف عنهم أخلاقيا. الحكام السفلة يحيطون أنفسهم بمن يماثلونهم ويقبلون منهم سفالتهم ويحفظون سر فسادهم وسرقاتهم. الحاكم هو من يختار بطانته وليس العكس.
البطانة هي مسمار جحا يعلق عليه الحاكم السافل سفالته، ويعلق عليه المواطن المصاب بالشيزوفرينية الإدراكية غباءه وجهله وقبح عبوديته.