لماذا أختلف مع بياني عبدالله حبيب وسليمان المعمري لا شخصيهما؟ - محمد الفزاري

هذه التدوينة عبارة عن منشور فيسبوكي ردا على منشوري الصديقين العزيزين محمد العجمي وإبراهيم سعيد.


قبل دخولي في سبات فيسبوكي جديد، أحببت أن أعبر عن وجهة نظري حول منشوري الصديقين العزيزين الأستاذ محمد العجمي والأستاذ إبراهيم سعيد الموجودة صورتهما أسفل منشوري هذا في التعليقات. في البداية أنا سعيد بمثل هذا الحوار والاختلاف الراقي في تعدد وجهات النظر الذي يناقش الأفعال والمواقف فقط بكل احترام وتقدير بعيدا عن الشخصنة. ولأني من ضمن الموجه لهم خطاب العتاب في كلا المنشورين بحكم مشاركتي في حملة النقد والامتعاض، ولأني أمثلني فقط سأتحدث باسمي. عندما اتخذت موقفا عبرت فيه عن حزني وانزعاجي بعد قراءتي بيان الأستاذ العزيز عبدالله حبيب عندما تم الإفراج عنه، وكذلك الموقف نفسه من الانزعاج بعد قراءتي بيان الصديق العزيز الأستاذ سليمان المعمري بالأمس، لم يكن هذا الموقف يناقش قيمة وقدر العزيزين كأشخاص قط، ولا يناقش قيمتهم الثقافية وقاماتهم الإبداعية التي أحترمها وأجلها ولا يختلف اثنان على ذلك، وأراني تلميذا أمام هاتين التجربتين.

عندما بعثت رسالة بريدية خاصة لأحد الأصدقاء المقربين المشترك بيني وبين حبيب لأواسيني وأعزيني معبرا فيها عن حزني وطارقا باب الشك حول ما آل إليه فهمي ومتسائلا عن مدى صحة موقفي*، وكذلك عندما نشرت بالأمس منشورا ساخرا، مباشرة بعد نشر سليمان بيانه وقراءتي له، يحتوي على رمزي "الديتول" و"الكرك" كإشارة للبيانين -الذي لم أتوقع انتشارهما لهذه المستوى بعد ذلك وهذا إن دل يدل على مدى استياء الجمهور من متابعيهم ومحبيهم من موقفهم وليس من شخصهم- كنت على ثقة بفهم وتفهم كلا الأستاذين وما زلت أراهن على ذلك أنهم لم ولن يستقبلوا النقد كأنه تجريح في شخصهما قدر ما هو تعبير عن رفض لفعلهما وموقفهما فقط فقط بعيدا كما قلت عن شخصهما ولا يمس قيمتهما الثقافية والإبداعية. كمحمد كنت أيضا سأتخذ ذات الموقف مع ذات الفعل لو صدر من طرف آخر لأن هذا الموقف متعلق بالمبادئ ودفاعا عنها وليس لها علاقة بالشخوص البتة.

ما زلت أدين أعتقالهما كما أدنته سابقا، وسأدينه غدا لو تم اعتقالهما من جديد أيضا، لأن المبدأ لا يتجزأ وليس له علاقة بالشخوص. نعم أحترم وجهة نظرهما قبل السجن وبعد السجن. لكن الاحترام لا يعني عدم الانتقاد، وجميعنا غير منزه من الانتقاد وغير معصوم عن الخطأ. ولهذا رغم عدم موافقتي الكلية لما كتبه حبيب في المنشور الذي تسبب في اعتقاله ومعي تحفظات شخصية عليه، لكن هذا لم يمنعني من تنديد واستنكار تقييد حريته ومصادرة حقوقه واعتقاله وتغييبه لمدة طويله في السجن لمجرد رأي. لأني أعيد وأكرر الموضوع متعلق بالمبدأ وليس بالشخص. الجانب الأخر، البيانان تم نشرهما في العام، لذا من حقي كمتلقٍ أن أتقبلهما بالكامل أو أرفضهما بالكامل أو فقط تكون لدي بعض التحفظات أقدمها بأسلوب مهذب بعيدا عن الشخصنة. هذا هو ما يسمى باحترام حرية التعبير، أن تقول ما تشاء معبرا فيها عن خياراتك وقناعاتك، لكن من حقي كملتقٍ أيضا أن أقبل أو أرفض، من حقي أن أنتقد أو ألوذ بالصمت، لكن ليس من حقي أن أصادر حريتك وأسجنك لأني فقط أختلف معك في وجهة النظر.

أما عبارة "شيطنة الدولة" النخبوية التي تستخدم أحيانا لتوصيف ممارسة النقد، لدي عدة تحفظات عليها، لكن أتجاوز ذلك وأؤكد أني شخصيا لن يرضيني ولن أتقبل لو حاول الأساتذة الأعزاء شيطنة الأجهزة الأمنية عن طريق نشر ما هو غير الحقيقة والقول مثلا إنهما تعرضا للتعذيب الجسدي بأساليب معينة، لأن كل من اعتقل في القسم الخاص يعلم ما يحدث هناك بالضبط، ولم أطالب بذلك قط. بيد أن رفضي كان واضحا وصريحا، هو اختلافي التام تحوير القضية والخروج بها من مسارها الحقيقي وهو "انتهاك حق حرية التعبير" إلى مسار بعيد جدا. فالقيد لو كان ذهبا وألماسا فسيبقى قيدا تسبب في اغتصاب حق من حقوق الإنسان الأساسية. الموضوع متعلق برمزية الفكرة وقيمتها المعنوية أكثر مما هو متعلق بمستوى جمال وراحة السجن، هل كانت قضبانه من ذهب أو حديد، هل كان به تكييف أم لا، هل يطهر بالديتول أم لا، هل يقدمون الكرك بالزنجبيل أم من دونه. وليس أيضا له علاقة بالمقارنات التي ذكرت، بين دولة وأخرى. بين زمن وآخر، بين فترة حكم السلطان سعيد أو السلطان قابوس.

ولا ضير أن أختم حديثي هنا بنفس العبارة التي ختم بها المعمري بيانه تأكيدا لنفس المعنى: "أتدرين ما الوطن يا صفية؟، الوطن ألا يحدث كل هذا".


المشاركات الشائعة