ناشطان عمانيان يرصدان لـ(شؤون خليجية) حقيقة الوضع الحقوقي بالسلطنة في (2015) - محمد الفزاري

شؤون خليجية - شدوى الصلاح
2015-12-31





رصد ناشطان عمانيان حقيقة الوضع الحقوقي والسياسي بسلطنة عمان خلال العام 2015، مؤكدين أنه شهد انتهاكات حقوقية لا حصر لها من قبل السلطة الأمنية التي تتحكم بجميع مفاصل الدولة، لأنها تعد الحاكم الفعلي للدولة، وكل ما يهمها هو استقرار وضعها وإخراج كل منتقد ومعارض لسياستها.

وطالبا في تصريحات خاصة لـ"شؤون خليجية"، بكتابة دستور جديد ينظم الحياة السياسية وعلاقة الشعب بالحاكم، ومراجعة القوانين واستقلال العمل الحقوقي.



استمرار انتهاكات السلطة الأمنية

وقال الناشط الحقوقي العماني نبهان سالم- رئيس المرصد العماني لحقوق الإنسان– إن عام 2015 شهد استمرارًا لانتهاك السلطة الأمنية للكثير من حقوق المواطنين، وتصاعد حدة التجاوزات، مشيرًا إلى أن بعض الناشطين تم سجنهم والحكم عليهم في أكثر من قضية، والبعض تم منعهم من السفر وسحب جوازات السفر منهم، والتضييق في العمل.

وأكد "سالم" في تصريحات خاصة لـ"شؤون خليجية"، على ضرورة مراقبة عمل السلطة الأمنية ومعاقبتها على أي تجاوز، والتعديل والحذف في الكثير من بنود المرسوم السلطاني 38/2014، قائلًا: ليس من المعقول أن يترك لوزارة مثل الداخلية حرية تقرير سحب جنسية أي مواطن، مهما تعللت بالدواعي الأمنية.

وشدد على ضرورة مراجعة العديد من قوانين وبنود قانون الجزاء العماني، مثل المواد 126،130 و135 إلخ من المواد، التي تكرس القمع وتحارب حرية التعبير والنشر.

وقال: إن "استقلالية العمل الحقوقي أصبحت ضرورة ملحة، ولا يعقل وجود لجنة مثل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، تمثل وجهة نظر الحكومة وتعمل على التبرير والتغطية لأي انتهاك تقوم به السلطات الأمنية".

وأشار إلى أن النظام الأساسي للدولة، أصبح اليوم مهترئًا لا يتماشى مع متطلبات العصر، ويومًا بعد يوم يظهر أنه مجرد عدد من البنود والنقاط لأفكار وخواطر شخص، قائلًا: "آن الأوان إلى كتابة دستور جديد يعكف على تخطيطه وإعداده وكتابته نخبة من الأكاديميين والقانونيين والحقوقيين... إلخ، مما يضمن وجود دستور حقيقي كوثيقة يعتد بها ويعتمد عليها في تنظيم الحياة السياسية وعلاقة الشعب بالحاكم والحكومة".

وأكد "سالم" أنه مع تصاعد حدة التجاوزات الأمنية، سيشهد العمل الحقوقي تراجعًا ملحوظاً سيؤثر بلا شك على أداء العناصر المستقلة في الرصد والمتابعة، خاصة وأن تجاوزات المؤسسة الأمنية خارج رادار المراقبة والمعاقبة.

وشدد على أن هذا التراجع لن يكون تأثيره فقط على الناشطين الحقوقيين أو على العمل الحقوقي، بل سيشمل كذلك مجالات أخرى، مثل حرية التعبير والنشر وانتقاد أداء الحكومة وقرارات السلطة التشريعية، وهي الغاية التي بلا شك يسعى لها السلطان قابوس، عبر السماح للسلطة الأمنية بالقيام بدور شرس وغير أخلاقي، والتي عادة ما يتم تغليفها لدواعي الأمن.



صورة خارجية خادعة

من جانبه، قال الكاتب والناشط السياسي العماني محمد الفزاري- رئيس تحرير مجلة مواطن الإلكترونية: "إنه بات واضحًا للمراقب للملف الحقوقي في عمان سواء من الداخل أو الخارج، أن السلطة الأمنية في عمان تحكم قبضتها على الشعب، وهذه السياسة أعطت عمان صورة خارجية خادعة عن الوضع الحقوقي في عمان. ليس فقط في الخارج بل حتى في الداخل".

وأكد "الفزاري" في تصريحات خاصة لـ"شؤون خليجية"، أن السلطة في عمان لا تختلف في استبدادها وفي عدم تقبلها للتعددية مثلها مثل أي دولة خليجية، لكن هذه السياسة الماكرة والخبيثة سهلت لها الظهور بمظهر المتسامح والمتقبل للاختلاف والانتقاد في عيون المواطن المخدوع، في الداخل قبل الخارج.

وأشار إلى أن السلطة الأمنية في عمان كما يعلم الجميع، تتحكم بجميع مفاصل الدولة بتوجيه من دوائر صغيرة قريبة من السلطان، وهي الحاكم الفعلي للدولة، لافتًا إلى أن الأجهزة الأمنية تسيطر على الوضع الثقافي وتمنع ما تشاء من فعاليات وتسمح لمن تشاء بدون أي أسباب قانونية، لهذا من الطبيعي ألا تسمح لأي حراك حقوقي، ولأي محاولة لتأسيس نواة فريق أو جمعية تهتم وتتابع الشأن الحقوقي، الذي يمثل المجتمع المدني.

وأضاف "الفزاري": "رغم كل هذا المستوى من السيطرة والتحكم سيبقى معظم المجتمع مخدوعًا من الوجه الذي تظهره السلطة الأمنية، بسبب أساليبها الترويضية المتعددة والمتنوعة التي تسبق آخر الدواء الكي وأعني السجن، ومن أهم أساليبهم التضييق معيشيًا على المواطن الذي يحاول أن يختلف عن صوتهم، والضغط عليه عن طريق أهله ووظيفته ومسؤوليه في العمل، التهديد بأسرار حياته الخاصة.. إلخ". وتابع: "لو جميع تلك الأساليب لم تنجح بدون شك آخر الدواء ينتظره وسيكوى المواطن بنار السجن، مثل ما حدث مع د. طالب المعمري وسعيد جداد مؤخرًا، لأن القضاء العماني غير مستقل عن أهواء السلطة في القضايا السياسية والحقوقية".

وأشار "الفزاري" إلى أن المراقب للوضع الحقوقي سيلاحظ مؤخرًا، أن السلطة بدأت تستخدم كثيرًا طريقة أو أسلوبًا تأديبيًا جديدًا، وهو سحب الوثائق الشخصية، جواز السفر والبطاقة الشخصية. أيضًا".

ولفت إلى أن من الملاحظ أنه أصبح هناك تقارب كبير وخطير بين السلطة الأمنية والسلطة الدينية في عمان، وهذا منزلق خطير جدًا، نتيجة هذا التقارب حاليًا في عمان يوجد مواطن، حسن البلوشي "البشام"، يحاكم بتهمة التطاول على الذات الإلهية بجانب تهم أخرى معروفة جاهزة ومغلفة، مثل المساس بذات السلطان والتقليل من هيبة الدولة.

وأوضح أن هذا التقارب لم يظهر فجأة، حيث كان جليًا منذ فترة طويلة أن السلطة الدينية، سواء كانت الرسمية أو غير الرسمية، كانت تمارس دورها في نشر أفكارها عن طريق فعاليات متعددة ومتنوعة بكل أريحية، وفي ذات الوقت هناك تضيق كبير ومبالغ فيه من قبل السلطة الأمنية على الفعاليات الثقافية والتنويرية بشكل ملحوظ.

وتابع: "يجب أن تعلم هذه السلطة أنها لم ولن تمنع المواطن من التفكير والمقارنة، مهما منعت وضيقت وحاولت بشتى الطرق، لن تستطيع أن تخرس الناس من الانتقاد خلف الجدران وداخل البيوت".

وقال "الفزاري": "أكاد أجزم أن ما يقيد المواطنين من الصراخ بأعلى صوت هو صورة السلطان المقدسة التي زرعتها البروباجندا في أذهانهم، وإذا تلاشت هذه الصورة سينفك القيد، رغم تأثير ما ذكرت بشكل نسبي. لأن التغيير دائمًا يأتي من أفراد قلة، والسلطة تحكم قبضتها على هذه الأفراد بشكل محكم".

ولفت إلى أن سياسة تكريس الصوت الواحد لها تأثير بشكل واضح على عجلة التقدم في عمان، واصفًا عمان الآن ببحيرة ماؤها أصبح آسنًا، بسبب غياب الشعب عن المشاركة في صنع القرار، وغياب النقد والمعارضة.

وقال إن الولاء للنظام العماني هو المعيار الأول للحصول على الحقوق وحتى الترقي في السلم الوظيفي، مشيرًا إلى أن السلطة تثبت يوم بعد يوم بممارساتها غير القانونية نهائيًا، أن عمان مجرد مزرعة تحت نفوذها، وكل العمانيين مجرد قطيع في هذه المزرعة.

وأضاف "الفزاري": "نستطيع القول إن جميع الاعتقالات وما شملتها من إجراءات غير قانونية وغير إنسانية، ممكن وصفها على أقل تقدير بالإجراءات الهمجية، التي لا تقوم بها أي سلطة تحترم أبسط حقوق المتهم أو المعتقل، هو الوجه الحقيقي لهذه السلطة وأجهزتها الأمنية".

وبين أن السلطة يهمها استقرار وضعها وإخراس كل منتقد ومعارض لسياساتها، أكثر من همها على سمعتها خارجيًا، ولهذا السبب جميع البيانات والتقارير الحقوقية لا يوجد لها أي تأثير على السلطة، وهذا وضع طبيعي في دولة لا يوجد بها إلا صوت السلطة التنفيذية، ويغيب عن المشهد صوت السلطة التشريعية وصوت الشعب. رغم أنها تعمل بطرق أخرى في تلميع صورتها دوليًا.


المصدر : شؤون خليجية - خاص

المشاركات الشائعة