الفتوى "المنسوبة" لمفتي السعودية عبدالعزيز آلشيخ التي أجاز فيها أكل الرجل لزوجته.. درس مجاني - محمد الفزاري

نشرت منشور في الفيسبوك حول فتوى يقال أنها "نسبت" لمفتي السعودية عبدالعزيز آلشيخ، أجاز فيها أكل الرجل لزوجته في حالة الجوع الشديد، وبعد دقائق من النشر قمت بحذفه لسببين:

١- تبين لي بعد بحث طويل أن هناك عدة صحف ومواقع نقلت أخبار حول هذا الأمر، وأكدت أن الفتوى غير صحيحة وأنها نسبت للمفتي. سيقول قائل لماذا لم تتأكد من الخبر قبل النشر؟! ردي هو أني حاولت التأكد وبحثت ووجدت أكثر من ٦٠ صحيفة نقلت الفتوى ونسبتها للمفتي، وبعضها صحف معروفة عالميا!!!. لكن لم يخطر في بالي أن أبحث عن أخبار تقول أنها مجرد فتوى منسوبة وعارية من الصحة. وتبقى الحقيقة مجهولة. (تعلمت هنا درس جميل)

وسيقول آخر أن الفتوى لا يقولها عاقل فكيف صدقتها؟! وردي هو: هذا كلام جميل ولا أختلف معك، لا يقول العاقل هذا الكلام. لكن الواقع يقول أن هناك فتاوى لهذا المفتي ولغيره لا تقل غرابة عن هذه الفتوى. ومن يريد أن يتأكد يبحث في مواقع الفتوى الرسمية، أو يتصفح ألبوم الصور في صفحتي، فقد سبق ونشرت عدة صور أخذتها من مواقع رسمية لفتاوى غريبة لا يقبلها عاقل وإنسان يعيش في هذا العصر.

٢- ذهبت معظم الردود لمنحى آخر للأسف. وظهرت المذهبية المتشددة والعفنة. ووصف العفنة هنا أعني به "المذهبية" وليس أشخاص بعينهم. 

(تأكدت هنا أن عمان لا تختلف عن أي دولة عربية أخرى. ما زالت المذهبية العفنة تنخر عقولنا وإنسانيتنا مثلنا مثل غيرنا من الشعوب العربية الأخرى. وكل الدعاية التي تنتشر بين حين وآخر مجرد وهم، ومحاولة هروب عن الواقع. هي مجرد قشرة على سطح الحقيقة المذهبية المتوغلة في كل بيت وفي كل عقل. لا يوجد معنا تسامح وتعايش حقيقي، وأكبر دليل على ذلك: كل منا يتذكر الأحاديث التي تدار في بيته حول المذاهب الأخرى! ويسأل نفسه ماذا لو انفلت الأمن لأيام وغاب الرقيب والقانون، ماذا سيحدث؟

القشرة الظاهرة التي توهمنا بالتسامح والتعايش المذهبي، جاءت نتيجة توجه السلطان الرأسمالي والعلماني ولو جزئيا في سياسته لإدارته الدولة إن صح التعبير. وهذا بدون شك يحسب للسلطان، لأنه ساعد ولو جزئيا في نشر فكرة التسامح على المستوى الإعلامي. لكن المذهبية وغيرها من النعرات مثل القبلية والعرقية لن تختفي إلا إذا ترسخ في عقولنا عدة مفاهيم، وأدركنا أهميتها في خلق مجتمع متعايش بشكل حقيقي، مثل مفهوم المواطنة وتطبيقاتها والعلمانية وتطبيقاتها.

المشاركات الشائعة