المخصصات المالية والامتيازات للأسرة المالكة - محمد الفزاري



 "الجدران لها آذان" عبارة لطالما ترددت على مسامعنا، ونحن نمارس حقا من حقوقنا، حيثالحديث بشكل جاد أو غير جاد حول القضايا السياسية أوو التي تسمى سياسية وهي غير ذلك.لماذا هذا الخوف والهلع؟ ومِن مَن؟ هذا موضوع آخر،وسيجرني التطرق إليه بعيدا عن صلب الموضوع الذي أود الحديث حوله.

من المواضيع التي تُطرح همسا في المجالس، وفي الكثير من البيوت بلسان يحمل الكثير من التساؤلاتوالتعجب والغبن والمظلومية "موضوع المخصصات المالية والامتيازات التي يتحصل عليها أفراد الأسرة"المالكة"! ، وتزيد تلك الامتيازات كل ما اقترب نسبك من نسب السلطان قابوس. وهناك أيضا التغيير المفاجئ حول صفة الأسرة إن صح التعبير- التي ينتمي إليها سلطان البلاد من الأسرة الحاكمة إلى الأسرة "المالكة"!.

في الحقيقة ما ألهمني لكتابة هذه الأسطر هي"تغريدة" لأحد الأخوة الكتّاب في تويتر عندما غرّد قائلا: "أعتقد أن الوقت قد حان؛ لفتح ملف الأسرة الحاكمة لمعرفة مخصصاتها المالية، ونفقاتها وكل الملفات المجهولة في هذا الشأن. وعلى الرغم منتوقفي طويلا عن الكتابة، لكنني قررت ذلك عند علميأن كاتب "التغريدة" قد تم استدعائه من قبل الأجهزة الأمنية بسبب تلك "التغريدة"!.

كمواطن عماني "أبا عن جد" وولدت على أرض هذا الوطن، هل يحق لي الحديث والسؤال عن قيمة تلك المخصصات، ونوع تلك الامتيازات التي يحصل عليها أبناء الأسرة "المالكةمنذ خروجهم من بطون أمهاتهم حتى الموت؟!.

من له الحق في الإجابة عن هذا السؤال هو القانون، والنظام الأساسي للدولة "دستور البلادالممثل الأول للقانون في عمان -كما نص عليه المرسوم السلطاني رقم 101/96. -.

بلغة بسيطة ومتسلسلة سأحاول استعراض هذا الموضوع غير الجديد على المواطن العماني.

المادة 29 : "حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير المكفولة في حدود القانون".

هل يحق لأي سلطة موجودة في البلد أن تعتقل و تحاسب شخصا ما يمارس حقه في حرية التعبير؛للمطالبة بحقه أو السؤال عن حقوقه في بلده؟.حسب الدستور "أن كل مواطن يحق له التعبير عن رأيه قولا وكتابة وسائر وسائل التعبير المكفولة في حدود القانون".
هل الحديث حول مخصصات الأسرة "المالكة(صاحب السمو، جناب السيد، السيد)" وامتيازاتها التي تحصل عليها من الدولة (نوعها وقيمتهاخارج عن حدود القانون؟

المادة 9: "يقوم الحكم في السلطنة على أساس العدل والشورى والمساواةوللمواطنين – وفقا لهذا النظام الأساسي و الشروط و الأوضاع التي يبينها القانون حق المشاركة في الشؤون العامة".

المادة 12: "العدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين العمانيين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة".


المادة 17: "المواطنون جميعهم سواسية أمام القانون، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين أو المذهب أو الموطن أو المركز الاجتماعي".

كما هو واضح وجلي، الدستور لا يفرق بين المواطنين من حيث الأصل والمركز الاجتماعيويؤكد أن الحكم قائم على العدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين العمانيينولكن هل حصول أفراد الأسرة "المالكة"على تلك الامتيازات بسبب مركزهم الاجتماعي هومن العدل والمساواة وتكافؤ الفرص؟!.

أين المخالفة القانونية التي أرتكبها، وأنا أطالببالعدالة الاجتماعية؟!، أين المخالفة القانونية، وأنا أطالب بفتح ملف الأسرة "المالكةلمعرفة مخصصاتها المالية وامتيازاتها؟، أين المخالفة القانونية، وأنا أسأل لماذا لهم هذه المخصصات والامتيازات؟، أين المخالفة القانونية وأنا أسأل لماذا تغير وصف أسرة آل سعيد من الأسرة الحاكمة -وهو الأصوب – إلى الأسرة "المالكةوماذا يعني؟!.أين المخالفة القانونية وأنا أطالب بفتح الملفات المجهولة والمؤثرة على التركيبة الاجتماعية ومفهوم قيمة المواطنة والاقتصاد؟

بلا شك أن معرفتنا بأسرار تلك الملفات وغيرها من الملفات المجهولة التي أناخت بكلكلها على تفكير وجيب المواطن مثل الامتيازات التي يحصل عليها مشايخ السلطة وأقصد مشايخ القبائل والدين وبعض المقربين من السلطة لا تغني المواطن من جوعولا شك أن الموضوع عميق بجذوره، ولا يمكن التخلص منه بقطع الساق من الأعلى. أفراد تلك الأسر تشربت تلك الامتيازات، وترعرعت عليها حتى بدأ يؤمن بعضهم أنها حق من حقوقهم، ولا يمكن نزعها منهموليس هذا فقط، البعض منهم أخذته أحلامه ليؤمن أن عمان وثرواتها ملك له، وكل ما يحصل عليه المواطن من فتات هو تكرم وتفضل منه!.

توجد نقطة مهمة يجب الإشارة إليها لكي لا يتحجج البعض بها، وهي وجود الأسر المالكة حتى في بعض الدول الديمقراطية الغربية؛ لكن هنالك فرق مهم،وهو أن تلك الممالك هي ممالك دستورية؛ فالأسرة تملك الحكم ولا تحكم، إذ تحكم البلاد سلطة تنفيذية منتخبة من الشعب. ولذا حسب الدستور المتفق عليه مسبقا بين الشعب والأسرة يحق للحكومة معرفةالمخصصات والنفقات المالية للأسرة. إضافة إلى أنعدد أشخاص الأسرة محدود جدا ومعروف.

وفي الحقيقة، تبقى هذه المشكلة أحد القضايا"الهامشيةرغم تأثير وقعها الكبير على المواطن، وحلها لن ينهي مشاكلنا مادامت القضايا الأهم والرئيسية قائمة، والتي من خلالها يمكن أن نتخلص من القضايا الهامشية بسهولة ويسر وبطرق قانونية.

والحل الجذري لتلك القضايا هو وجود دستور مدني تعاقدي بين الشعب وسلطانه، يضمن تعزيز مفهوم المواطنة، واعتبارها الركيزة الأساسية التي يؤخذ بها في الحقوق والواجبات وتوافر الفرص..كما يضمن أيضا وجود رئيس وزراء منتخب أو معين مبدئيا مع تداول السلطة. ويضمن إعطاء مجلس الشورى الصلاحيات التشريعية والرقابية الحقيقية والكاملة، ووجود محكمة دستورية وبناء استراتيجية طموحة تنظم وتدفع دفة التطور في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والتعليمية والصحية تدركها كافة شرائح المجتمع.



نشر المقال أيضا في صحيفة وطن الأسبوعية تصدر في ولاية كالفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية:

https://www.watanserb.com/مقالات/item/1992-المخصصات-المالية-والامتيازات-للأسرة-المالكة.html


المشاركات الشائعة